إذا فاضَ صبرُ المرءِ ماذا يُحاذِرُ
وقد كلَّتِ الأرواحُ ثُمَّ الضَّمائرُ
وكيف أرى في وحدتي ما يَسُرُّني
وللحُزنِ في جوفِ المُعَنَّى عشائرُ
أقولُ لو اَنَّ الصَّمتَ ينهى عَنِ الأسى
لَمَا كلَّ مِنْ كَبْتِ الملالاتِ شاعِرُ
وما حارَ بالدُّنيا شَجِيٌّ مُعَذَّبٌ
تُقَلِّبُهُ آمالُهُ والخسائرُ
تقحَّمتُ مِنْ سِنِّ الشَّبابِ معارِكًا
أرتني مشيبَ الرُّوحِ، والأمرُ قاسِرُ
وقد خِلْتُ أنِّي قد أحطتُ بِها، وفي
ضميريَ من نفسي مُبيْحٌ وزاجِرُ
وها أنا مِنْ أقصى النَّوى عدتُ حائرًا
بجهليَ، لا تكفي خُطايَ الذَّخائرُ
أرى أخلصَ الإيمانِ شَكِّي، وإنَّما
هوَ العقلُ -مهما جَرَّبَ الدَّهرَ- حائرُ
ويا مُضْغَةً في فيهِ دهرٍ يلوكُها
كما لاكَتِ الأبدانَ تلكَ المقابِرُ
لَكَمْ ماجَتِ الدُّنيا، وهَبَّتْ خُطوبُها
وسِرُّكِ مُرتاعٌ، ونبضُكِ صابِرُ
أرى العُمرَ بينَ المشرقينِ مُعلَّقًا
فلا السَّعْدُ مَرْجُوٌّ، ولا الصَّبرُ سائرُ
فديتُكِ، ما للدَّهرِ قلبٌ ، وإنَّما
بغلْظَتِهِ -إن شاءَ- تُدمى المشاعرُ
تعليقات
إرسال تعليق